دعوة مفتوحة لتعرية الرجل

دعوة مفتوحة لتعرية الرجل



جنى الحسن



وأنا أحاول أن أكتب عن المرأة، اللبنانية، العربية، أو العالمية، سألت نفسي مراراً عن تعريف النساء. ثم سخرت من الفكرة، فالمرأة تشكّل دوماً مادة جاذبة للتداول، الموضوع المثير الّذي يحتاج إلى تعريف، وتقديم، بينما كيان الرجل نوع من المسلمات الذي يجب علينا ألا نفرض أي تساؤلات حوله



الغوص في الجسد النسائي، شكلاً ومضموناً. البحث عن ثغرات النسوة. الحديث عن مشاكلهن، صمتهن، صرخاتهن، حقدهن، استسلامهن. الحديث عن المرأة، عمّا تحتاج، عمّا لا تحتاج، عن تحديد الخلل فيها، عن نقاط القوة، عن الضعف



الغوص في المرأة. الجسم الحافل بالقيود التي تعرقل حركة صاحبته. العقل الذي يرنو للتحرر من القيد. الصوت الذي يريد أن تستمعوا إليه. الأوتار التي لا تتعرف على رنينها



الغوص في المرأة. الصورة التي نحتاج أن نهدمها كليّاً. البحث عن المرأة الروح، المرأة الضوء. تكسير الأجساد البلاستيكية، الوجوه النمطية، غياب الملامح



الغوص في المرأة. كرامة النسوة التي أراها تندحر في المهد. الغضب. العتمة. الوأد. وأد الرغبات والأحلام. وأد الكيان



المرأة الأم. المرأة العشيقة. المرأة الزوجة. الأرملة. المطلّقة. العاملة. ربّة المنزل. الأخت. الشريكة. الصديقة. الساقطة. العاهرة. المرأة المجردة



وأنا أحاول أن أكتب عن المرأة، سألت نفسي، لماذا نحوم دوماً في الفلك النسائي، كأنّه الفلك الوحيد الّذي يحتاج إلى المعالجة والمناقشة؟ لماذا يصاب المجتمع بالذعر إن قلنا أننا نريد الغوص في أعماق الرجل؟



أليس هذا أكبر دليل على تكريس فكرة تأليه الذكر الذي لا نعتبر أن هناك داعي للحديث عن مشاكله وهواجسه، لأنّه موجود في مرتبة عليا لا يجوز حتّى مسّها بالذكر؟



أليس هذا أكبر دليل على اختراق خصوصية النساء واعتبارهن دوماً ذاك العام الّذي يجب إلغاء فرديته؟ أليس ذاك أكبر دليل بأن المرأة هي ذاك المباح بينما الرجل هو الكائن العصيّ على الخطأ؟